Translate

الأحد، 23 ديسمبر 2012

وصايا إيمانية للشيخ هانى حلمى " لماذا لا تطبقون ما تتعلمون"


لماذا لا تطبقون ما تتعلمون ؟

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملا.. أما بعد

الإخوة والأخوات


هل منكم من بكى هذه الايام على حاله ، واستشعر : " إِنَّا لَمُغْرَمُونَ " أي معذبون " بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ "

هل منكم من استنفر همته وراجع حساباته حين شعر أنه قد يكون صادًا عن سبيل الله وهو لا يدري حين يتقاعس

ويتكاسل ويقول : " شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا " فيأتي هذا البيان الإلهي لحقائق القلوب

" يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ " فهل تقولون ما في قلوبكم ، هل ترغبون حقًا في العتق من النار ؟

هل تريدون صدقاً أن تنالوا جنة القرب ؟


سؤالي لكم : لماذا لا تطبقون ما تتعلمون ؟

إنها وقفة حساب مع أنفسنا والمؤمن يحاسب نفسه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [الحشر : 18 ]

لماذا لا نطبق ما تعلمناه ؟ كم خطبة حضرنا ؟ كم كتاباً قرأنا ؟ كم شريطاً سمعنا ؟ كم نصيحة إليها أصغينا وأُسديت إلينا ؟

كم ختمة ختمنا ؟ كم من ذلك عقلنا ؟ وكم من المضمون طبقنا ؟ كم أمراً فيها نفذنا ؟ وكم نهياً فيها اجتنبنا ؟

لماذا نُدعى إلى كتاب الله وسنة نبينا فنتولى ولا نعمل ؟ لماذا تقرأ علينا الآيات التي لو أنزلت على

جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ثم لا نتعظ ولا نتأثر ؟


والجواب :

1- لأنه ليس عندنا درجة الجدية الكافية التي تدفعنا

، فليس كلنا عنده نفسية التلقي للتنفيذ .

القرآن الكريم أنزل للتنفيذ ، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتعلمون للتنفيذ


انظر إلى هذا الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ علمني دُعَاءً أَدْعُو بِهِ

فِي صَلاَتِي قَالَ ‏"‏ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَبِيرًا - وَقَالَ قُتَيْبَةُ كَثِيرًا - وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ

عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ‏"
[رواه مسلم ]

يسأل ليعمل ويطبق ، لا بد أن يكون عندنا مفهوم العلم للعمل والتلقي للتنفيذ ، نريد أن نقرأ المصحف وننفذ ما قاله

الله عز وجل لأن الأوامر لنا وليست لغيرنا ، ثم إن التنفيذ يزيدنا خيراً وثباتاً


( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ) [ النساء : 66 ] العمل يثبت الإنسان

2- أن مستوى تصديقنا بالجنة والنار ضعيفٌ

ومستوى إيماننا بالحساب فيه نقص ولذلك نستغرب أحياناً كيف تصدق أبو بكر بكل ماله ؟

كيف تصدق عمر بنصف ماله ؟ مالذي دفعهم إلى هذا المستوى العالي من التطبيق ؟

الدافع هو الإيمان بالجنة والنار والحساب وما أعده الله للمتقين . فلو كان مستوى الإيمان عندنا عالياً لرأيت تطبيقاً عظيماً


3- عدم معرفة الأجر يؤدي إلى ضعف التطبيق .

لماذا ذكر الله لنا الأجور ؟ حتى نعمل .

بالله عليكم أخبرونا ما تصنعون حين تسمعون مثل هذا الحديث


وعن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه قال : قال رسول الله : ( من أكل طعاماً فقال : الحمد لله الذي

أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه )
[ رواه الترمذي وحسنه ]

هل تحتسبون هذا عند كل طعام ؟ وهل أنتم في حل من هذا الأجر ؟ أم هي الغفلة !!!


4- طول الأمل :

قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ

مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
[ يونس : 7-8 ]

إن (سوف ) قد أساءت لنا كثيراً ، فكلمَّا جاء طرق الخير صرفه بواب ( لعل وعسى)

5- الشيطان حريص على أن يصرفنا عن تطبيق الأعمال

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ ‏"‏ خَصلتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ لا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إلاَّ دَخَلَ

الْجَنَّةَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ يُسَبِّحُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا وَيُكَبِّرُ عَشْرًا فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ

بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثلاثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ وَيَحْمَدُ ثلاثًا وَثلاثِينَ وَيُسَبِّحُ ثلاثًا وَثلاثِينَ

فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ ‏"‏ ‏.‏ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ

كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ قَالَ ‏"‏ يَأْتِي أَحَدَكُمْ - يَعْنِي الشَّيْطَانَ - فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ وَيَأْتِيهِ فِي

صَلاتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا ‏"
[‏رواه أبو داود ]

6- من أسباب عدم التطبيق الوسط الموجود فيه الإنسان

قد يكون في وسط لا يوجد فيه قدوات ، فالتطبيق قليل ، الموجودون يغلب عليهم الجدل لا العمل .

قال تعالى عن بلقيس : " وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ " [النمل: ٤٣ ]
فماذا صد بلقيس عن الله ؟ ما كانت تعبد من دون الله . لماذا ؟ لأنها كانت في قوم كافرين ، فتأثرت بهم رغم

رجاحة عقلها ، ثم لما جاء سليمان عليه السلام أسلمت . فلماذا لا تغير بيئتك ؟ لماذا تركن فتضعف ثم تشتكي ؟؟


7- عدم الواقعية في التطبيق كأن يهجم في بداية التزامه

على هذه العبادات والنوافل والمستحبات فعمل عملاً كبيراً لا يطيقه ، هنا قد يحدث كلل وملل وبالتالي يحدث انقطاع .

عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ،
قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍوـ رضى الله عنهما ـ قَالَ لِي النَّبِيُّ

‏"‏ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ ‏"‏ قُلْتُ إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَت عَينُكَ وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ،

وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقٌّ، وَلأَهْلِكَ حَقٌّ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ ‏"
‏ ‏.

[ رواه البخاري ]. فقد أمره الرسول بالاقتصاد في العبادة حتى لا تمل النفس

8- ضعف الارتباط بالكتاب والسنة من أهم أسباب عدم التطبيق ،

لماذا بكت أم أيمن لما زارها أبو بكر وعمر ؟ بكت لأن الوحي قد انقطع ، فلو أن القلوب متعلقة بالوحي لكان الحال

غير الحال


والعلاج :

1- الإحساس بقيمة المعلومة وقد كان وقع المعلومة على السلف عظيماً لذلك كان يقدرها حق قدرها وكأنه حصل

على كنز عظيم . لكن نحن اليوم نسمع الكثير من المعلومات ولا نحس بأننا قد حصلنا على شيء كثير .


2- التفكير كيف كان السلف ينفذون.يقول المروذي قال لي أحمد بن حنبل رحمه الله : ما كتبت عن النبي صلى الله عليه

وسلم حديث إلا وقد عملت به ، حتى مر بي في الحديث أنَّ النبي احتجم ، وأعطى أبا طيبه

( يعني الحجام ) ديناراً ، فأعطيت الحجام ديناراً حين احتجمت

3- التربية على التنفيذ والعمل والعلم .

4- الدعاء نسأل الله أن يعيننا على تطبيق ما تعلمنا .

يقول أبو بكر بن العربي : كنت مقيماً في ذي الحجة سنة 489 في مكة ، وكنت أشرب من ماء زمزم كثيراً ،

وكلما شربت نويت به العلم والإيمان ، ففتح الله لي ببركته في المقدار الذي يسره لي من العلم ، ونسيت أن

اشربه للعمل ، يا ليتني شربته لهما حتى يفتح الله لي منهما ، فكان صفوي للعلم اكثر منه للعمل ،

وأسال الله الحفظ والتوفيق برحمته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق