Translate

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

كـن متغـافلاً







حيا الله هذه القلوب الطيبة النقية المجتمعة على طاعة رب البرية –أسأل الله الذي جمعكم على طاعته أن يجمعكم في جنته

أخي الفاضل…أختي الفاضلة

-بداية أقول:-أعلم يقيناً أنكم سوف تحسنون الظن بي وما هذا إلا لكريم أخلاقكم- فما أردت إلا تذكيراً للمؤمنين

-اليوم إخوتاه نُذكّر بخُلُق قد غاب عنا كثيراً أو( غاب الكثير عنه )- ألا وهو خُلق التغافل-

فما أجمله من خُلق !وما أسعد ممن اتصف به!





-التغافل :- هوغض الطرف عن زلات وأخطاء غيرنا ممن نحب أو نكره على حدٍ سواء


-التغافل:- هو عدم إقصاء الأمور بحثاً وتنقيباً .


(نعم المؤمن كيّس فطن يدرك الأمور ويعرفها، لكن لا يتقصي الأمور إلى نهايتها فلا بد أن تغمض عينيك عن بعض الأمور رغم إدراكك إياها)

ومن لم يغمض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب

-فإن الخطأ وارد من بني آدم، ولن تجد معصوماً بين الناس، (فاعلم أنَّ الناس مثلك-فإن كنت معصوما! فابحث عنها في غيرك). فلا يخلو شخص من نقص أو عيب

فما عليك إلا الترفع عن مجاراة المخطئ، وهذا يدل على شرف النفس، وعلو الهمة،

فقد قيل: شرف النفس أن تحمل المكاره كما تحمل المكارم.


أحبُّ مـكارمَ الأخلاق جَهدي *** وأكـره أن أَعـيب وأن أُعابا

وأصفح عن سِباب الناس حِلماً *** وشرُّ الناس من يهوى السبابا

ومـن هـاب الرجـال تهيّبوه *** ومـن حقّر الرجالَ فلن يُهابا


أخي الفاضل…أختي الفاضلة

-لا تدقق النظر في أخطاء الآخرين ولا تبحث عن عيوبهم ولا تندهش لزلاتهم ولا تشمت بهفواتهم

أخي الفاضل…أختي الفاضلة


كل منا لديه ما يكفيه من العيوب والنقائص لينشغل بها ، ومن قال غير ذلك فقد ادعى الكمال وهذا فيه من الجهل الكثير -فالنفس غير معصومة-تعتريها الزلات حينا وتشوبها الأخطاء حيناً

أخي الفاضل…أختي الفاضلة

-من معرفتنا بعيوبنا نوقن بأننا ما بلغنا الرفعة بين الناس إلا بستر الله علينا فلو أهتك عنا الستر لافتُضحنا-نسأل الله العفو والعافية-لكنه ربي الحليم العفو الكريم

فاللهم لا تهتك الستر -اللهم ياستير استرنا بسترك الجميل واجعل تحت الستر ما يرضيك

-فعلينا أن ننشغل بعيوب أنفسنا عن عيوب الآخرين

وأعجب من ذا أن يرى عيب غيره عظيماً وفي عينيه عن عيبه عمى

أخي الفاضل…أختي الفاضلة


لنطيق هذا الخُلق في حياتنا الواقعية أو الحياة (الإنترنتية)!

لانريد عرض سلبيات أو مجرد تعجرف بالكلام لكن نريد التذكير بما هو معلوم والتطبيق في المعاملة بيننا (فما تكرر : تقرر)

مثال عملي:-

-أثناء حوارك مع أخيك قد ترى منه العجب العجاب ، شيئ لم تتوقعه،قد ترى منه :خطأ أو ملاحظة.. و إنتقاد أو إساءة ظن أو تجاهل أو إساءة أو جفاء أو سوء أخلاق أو نصيحة في غير محلها أو …أو …أو


أخي الفاضل…أختي الفاضلة

الأمر سهل يسير بفضل الله

فما عليك إلا التغافل

فتسعد أنت وتُسعد من حولك وتنشر الألفة والمودة وتعفو عن المخطئين وتتقبل من الناصحين

لا يبلغ المجد أقوامٌ وإن كرُموا *** حتى يَذلوا –وإن عزّوا- لأقوام

ويُشتَموا فترى الألوان مسفرةً *** لا صفـحَ ذلٍّ ولكنْ صفحَ أحلام

(((وإليك من الروائع بعضها)))





قالوا في خلق التغافل ..

-قال عثمان بن زائدة، قلت للإمام أحمد: العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل،فقال: “العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل “

نعم والله إنها العافية بعينها

لأن الناس جبلوا على الخطأ ومن الجهل أن ننتظر من الناس أن يفعلوا ما نريد أو أن يقولوا ما نريد ، بل يجب أن نتعامل مع الناس معاملة واقعية مرنة تأخذ في حسبانها طبيعة الناس التي جبلت وتعودت على الخطأ،لذلك الإيمان بأن كل بنو آدم خطاء يقتضي أن نتغافل عن تلك الأخطاء مالم تجر مفاسد، فمذاهب الناس في الخطأ مختلفة،ولكن مهما ابتعدت أواقتربت،اجعل من نفسك أعمى واصم ،وتغافل عن الخطأ ولا تفكر في الوقوف عند الخطأ وتعاتب فان كثرة العتاب تنفر وتفرق،ولا تنسى ان تلتمس العذر وتحسن الظن وتقبل الإعتذار

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه

” لا تظنَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً،وأنت تجد لها في الخير محملاً”

قال الإمام ابن القيم: “من أساء إليك ثم جاء يعتذر من إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته، حقاً كانت أوباطلاً، وتكل سريرته إلى الله.. “.

ثم قال: “وعلامة الكرم والتواضع أنك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفْه عليه ولا تحاجَّه، وقل: يمكن أن يكون الأمر كما تقول، ولوقضي شيء لكان، والمقدور لا مدفع له ونحو ذلك”.





قال الإمام الشافعي: “الكيس العاقل؛ هو الفطن المتغافل”

قال الحسن -رضي الله عنه-:

ما استقصى كريم قط؛ قال الله تعالى: ** عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ **[التحريم:3]

و قال عمرو المكي -رحمه الله- :

” من المروءة التغافل عن زلل الإخوان “

وقال الأعمش -رحمه الله- :

” التغافل يطفئ شراً كثيراً “



و قال جعفر -رحمه الله- :

‏”‏ عظموا أقداركم بالتغافل‏ “‏

و قال بعض العارفين :

” تناسَ مساوئ الإخوان تستدِم ودّهم‏ “

قال الشاعر :

أحبُ من الأخوانِ كل مواتيِ **** وكلَ غضيضُ الطرفِ عن هفواتِ

و قال أخر :

ويغضُ طرفاً عن إساءةِ من أساءَ **** و يحلمُ عند جهلِ الصاحبِ

قالوا في التغافل:

وإن أساء مسيءٌ فليكُنْ لك في * عُروضِ زَلّتِه صَفْـحٌ وغُفـرانُ



وقالوا:

لئن ساءني أن نلتني بمساءة … لقد سرَّني أنِّي خطرت ببالك

وقالوا:

سَامِحْ أَخَـاكَ إِذَا وَافَاكَ بِالْغَلَــطِ ‍* * * وَاتْرُكْ هَوَى الْقَلْبِ لا يُدْهِيْكَ بِالشَّطَطِ

فكم صَدِيْقٍ وفيٍّ مُخْـلِصٍ لَبِــقٍ ‍* * * أَضْحَى عَدُوًّا بِـــمَا لاقَاهُ مِنْ فُرُطِ

فَلَيْسَ فِي النَّاسِ مَعْصُوْمٌ سِوَى رُسُلٍ ‍* * * حَمَاهُـمُ اللهُ مِـنْ دَوَّامَـةِ السَّقَـطِ

أَلَسْتَ تَرْجُـوْ مِنَ الرَّحْمَنِ مَغْفِـرَةً * * * يَوْمَ الزِّحَـامِ فَسَامِحْ تَنْجُ مِنْ سَخَـطِ


- قيل للإمام أحمد إن فلان من أئمة الحديث أو من رواة الحديث مريض وله عشرة أيام لم يخرج من بيته . قال نذهب لزيارته فإن من حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض ، فذهب هو وأصحابه . وكان هذا الذي يروي الحديث أو من علماء الحديث كان يتأول شيئاً : ( لا يشترط في العالم أو في الراوي أن يكون كامل ربما له تأويل في مسائل من مسائل العلم يرى هكذا ولا يوافقه عليه غيره )فكان له تأويل في بعض المشروبات ممّا لم يجمع العلماء على حرمته، فدخل الإمام أحمد لزيارته . فلما دخل وجد بعض هذه الأشربة وهو يعرف مذهبه في الشراب ، وجد بعض هذه الأشربة في مكان فجلس وجعلها خلفه ، جلس الإمام أحمد لزيارة المريض وجعل تلك الأشربة خلفه ومعه عدد من طلابه ، وزاروه وخرجوا ، لما خرج قال له بعض تلاميذته يا أبا عبد الله ألم تر الشراب ؟ قال لم أرى شيئاً ، قال : لقد كان وراء ظهرك ، قال : وهل يرى الإنسان ما وراء ظهره ؟

هذا تغافل ،تغافل فيه حكمة.

أتت الجارية لهذا الراوي أتت له وقالت : لقد أتاك أبو عبد الله ولم تنزع الشراب فقال : إذا كنت لا أستحي من الله فكيف أستحي من أبي عبد الله ولكني أتركه من الساعة أريقي تلك القوارير .

المصدر

مقتطفة من شريط ” من معين أقوال السلف ” للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق