Translate

الجمعة، 23 نوفمبر 2012

أُختاه ودّعِي أحْزانكِ


الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله

أختي الحبيبة ،جاء قلمي إليكِ اليوم وهو يحمل قلباً ينبض بحبّ الخير لك فاسمعي دقّّّاته من ثنايا الأحرف تُناديك ” أُختاه ودّعِي أحْزانكِ!”
يقول الله تعالى : ( ألم *َحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت 1 ، 2 ، 3

“يخبر تعالى عن تمام حكمته ، وأنّ حكمته لا تقتضي أن كلّ من قال “إنّه مؤمن” وادّعى لنفسه الإيمان ، أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن ، ولا يعرض لهم ما يُشوّش عليهم إيمانهم وفروعه، فإنّه لو كان الأمر كذلك ، لم يتميّز الصّادق من الكاذب والمحق من الباطل ، ولكن سنّته وعادته في الأوّلين ، وفي هذه الأمّة أن يبتليهم بالسّراء والضرّاء ، والعسر واليسر ، و المنشط والمكره ، والغنى والفقر ” تفسير السّعدي

سنّة الابتلاء كانت وستظلّ تتقلّب مع الأيّام ، فهذه الدّنيا دارهموم وغموم وآلام ، من ذا الذي سلم فلم يصبه الأذى والنّصب ، من ذا الذي ما حلّت به البلايا والكرب!

يا أمة الله لكِ في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسوة حسنة تذكّري كم من الآلام لاقته، وكم من الأحزان تغشّته ، وهو من هو خير البريّة ، حبيب الله ! ولا عجب ففي هذا الحديث بيان (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه و إن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض و ما عليه خطيئة) صحّحه الألباني

هلمّي بنا نقف وقفة تأمل في موت إبراهيم قرّة عين النّبي صلّى الله عليه وسلّم حين قال النبي صلى الله عليه وسلّم (إنّ العين لتدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما نرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) صححه الألباني

كلّنا نحفظ هذا الحديث لكن من منّا يفقهه حقّاً ، ويُحوّله إلى سلوك يأتي به أثناء حلول المصائب !

أختي في الله أسألكِ سؤالاً أرجو أن تجيبي عليه بصدق…

أيّتها المبتلاة المهمومة أأنتِ راضية عن ربّك الذي قدر لك أن تُبتلي بهذا الكرب؟

ألا تقولين في قرارة نفسكِ “لماذا يحدث لي هذا ؟ ”

أختي الغالية اعلمي أنّ الله يقضي أمره في عباده لحكمة ، فمن رضي فله الرّضا ومن سخط فله السّخط!

الرّضا بلسم الجراح، وهو من أعظم العطايا التي يمنّ الله بها على عبده ، ذلك أنّ الرّضا يُفرغ القلب لله ، فإذا صرت راضية نعم فؤادكِ بمعنى ” أحبّه إليه أحبّه إليّ

تصوّري أن تأتيك المصيبة التي تهدّ الجبال ، فتلاقينها ببسمة رضا،و لسان حامد مسترجع ، وقلب يهتف “أحبّه إليه أحبّه إليّ ! ”

لستِ أدرى بمصالحك من الذي خلقك، فدعك من التفكير الخاطئ الذي يورث الهمّ والحزن ولا تتمنّي غير ما قُدر لكِ( واسألي الله من فضله)ولا تقولي بلسان الحال والمقال :

” لو حصل كذا لكان خيرًا لي ”

سبحان الله !

أين تسليمك إذن بقضاء الله الذي ما كان إلا لحكمة جليلة قد لا يدركها عقلك الذي لا يرى من الأمور إلا صورتها الخارجية.

ومثال ذلك : نرى غياب الرّضا عند كثير من الفتيات اللّواتي تأخرن في الزواج أو حُرمن من نعمة الذّرية و حياتهنّ تمضي في التأسّف والاعتراض على قضاء الله ، فيطرقن باب التسخط حتّى لا أقول الاقتراح على الله ، كما نرى من حال بعضهنّ والله المستعان .

أختي المهمومة ، أرسخ خطوة في طريق طلب الفرج هي الرّضا التام بكل صغيرة وكبيرة تعرض لك ، تعلّمي أن تعيشي في معنى تفويض أمرك كلّه لله ، والرّضا بما قسم الله لك إذ هو – لا ريب – خير مدبر لشؤونك.

أختي الحبيبة ، بلغني أنّ دموع المكروبين قد كثرت في هذا الزّمان، وأراكِ بينهم تُجاهدين تلك القطرات ، لا تُريدينها أن تمسح رسم بسمتك ، لأنّك لابد أن تعيشي لتعبدي الله ، ولو ركنت إلى تلك الأحزان لاستحوذ عليكِ الشيطان ، هكذا يجب أن تكوني قوّية تتذكّرين دوماً أن لكِ ربّا أرحم بك من نفسك .

غاليتي، هلمّي بنا ، نقطف باقة الفرج!

أقبلي على قراءة كلماتي هذه ببسمة عريضة تنمّ عن أمل ، أو دعينا نرتقي فنقول أنّها تنمّ عن يقين في مثل شموخ الجبال اللّواتي لا تُحرّكهنّ الرّياح العواتي !


ღღღ

الزّهرة الأولى : وحّدي الله بحقّ

قال الله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) الآية 82 من سورة الأنعام
بِظُلْمٍ- أي بشرك

أهل التوحيد هم خير من يمشي على قدم ،اصطفاهم الله بأعظم النّعم وأجلّها ،نعمة الإسلام التي هي بطاقة دخول الجنّة!

فيا أختاه احمدي الله واستشعري عظم ما أنعم به عليك الكريم، واعلمي أنّ قيامك بشروط كلمة ” لا إله إلاّ الله” هو سعادتكِ لا كذب !

قفي وقفة محاسبة جادّة ، وسلي نفسك هل أنت موحّدة بحقّ ؟ ألا يمازج بعض أفعالك الشرك؟ دعيني أسألكِ…

إذا قمت بعمل خير أتفعلينه لله وحده أم ليُثنى عليك بين النّاس؟

إذا أصابكِ مرض أو نقص في الرّزق أو غير ذلك ، أتلتجئين إلى التّمائم ولبس الحلقات أم تقولين ” إنّهم عدوّ لي إلاّ ربّ العالمين ” ، وتبادرين إلى الاستغاثة بالله وحده لكشف ضرّك؟

إذا حلفتِ فبمن تحلفين ؟ أبحياة أمّك أم بالله ؟
إذا رجوت أن تتحقق لك أمنية أترفعين يديك داعية ربّك أم تطيشين الطيشة الكبرى فتذهبين- بحجة التقرّب إلى الله- إلى ضريح وليّ صالح !
احذري أيّتها الحبيبة فهذه الأعمال وغيرها شرك يحرم صاحبه من دخول الجنّة إلاّ أن يتوب قبل موته !
أمة الله ، التوحيد أعظم القربات وأجلّ ما يُسأل به الله ، تأمّلي دعوة ذي النّون عليه الصّلاة والسّلام الذي تغشّته الكربات فنادى في الظّلمات ” لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين” سأل الله أن ينجيه من الغمّ بأنّه يشهد أنّه واحد لا شريك له فاستجاب له ربّه قال الله تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) 82 من سورة الأنبياء
يا لكرم الله!
وماذا بعد هذه الرّحمة العظيمة إلاّ أن تسارعي إلى تصفية توحيدك من كلّ شائبة ، اسعي إلى اقتناء أحد الكتب في باب التوحيد ، أو استمعي إلى دروس أحد علمائنا الأفاضل حتّى يتبيّن لك معنى التّوحيد الحقّ، وأبشري أيّتها الموحّدة بفتح من الله إن أنتِ استقمتِ على الطّريق كما أمركِ (وأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) 16 الجنّ


الزّهرة الثّانية : الزمي الاستغفار
قال الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه الصّلاة والسّلام: (فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا 10يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا 12 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا 13 ) نوح

وقال في آية أخرى على لسان صالح عليه الصلاة والسّلام (فاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) 61 سورة هود

قال العلاّمة السّعدي –رحمه الله – : واعلم أنّ قرب الله تعالى نوعان عام وخاص قرب عام : مع كل أحد بعلمه ومراقبته ومشاهدته وإحاطته، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد.

قربٌ خاصّ : من عابديه وسائليه، وهو قرب يقتضي المحبة، والنصرة والتأييد في الحركات والسكنات والإجابة للدّاعين والقبول والإنابة.

فطوبى لمن تاب إلى الله و أكثر من الاستغفار، فنال بذلك القرب ، وإذا نال الإنسان القربَ من الله فلا خوف عليه ولا هو يحزن في الدّنيا والآخرة.

أختي الحبيبة ، قد أخبرنا الله في كتابه العزيز أنّ ما أصابنا من مصيبة من موت حبيب أو قلّة رزق أو مرض ، أو غير ذلك ، فإنّما هو بما كسبت أيدينا من تقصير في إتمام العبودية لله تعالى ، لكنّ الله عفوّ غفور ، ما جاءه عبد تائباً إلا قبله وقرّبه وفرح بتوبته فتأدّبي في معاملتك لله ، واعلمي أنّ الذّنوب من أسباب عدم إجابة الدّعاء ، فكوني كثيرة الاستغفار ، وسترين – إن داومت على ذلك – من الله فضلاً عظيماً ، والله على ما أقول شهيد ، فقد بلغ مسمعي قصص لأناس فرّج الله عنهم برحمته هموماً كالجبال عند إكثارهم من الاستغفار.

فما يحول بينك وبين أن تجعلي لسانك متقلّباً في ذكر الله ، إلاّ العجز!

مالك ألا تريدين أن تقرّ عينك باليُسر؟ كفاكِ غفلة أختاه، جدّدي توبتك ،والزمي استغفار ربّك ، تنعمي بالسعادة في دنياك وأخراكِ.


ღღღ
الزّهرة الثّالثة : ادعِي بانكسار

قال الله تعالى (

وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) 60 سورة غافر

و قال في آية أخرى(ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) 55 الأعراف


قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- ( من العدوان أن يدعو غير متضرّع، بل دعاء هذا كالمستغني المدلي على ربّه ، وهذا من أعظم الاعتداء لمنافاته لدعاء الذّليل، فمن لم يسأل الله مسألة مسكين متضرّع خائف فهو معتد.)



فاستحضري أختي الغالية عند دعائك معنى الخشوع وألبسيه خالص الذّل ، واكسري نفسك بين يدي ربّك حتّى يجبر ضعفك إنّه هو السّميع المجيب.


وألحّي عليه بالدّعاء وكلّك يقين لا يخالطه شك، ففي الصّحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قال ( يُستجاب لأحدكم ما لم يُعجلّ يقول : دعوت فلم يُستجب لي ) واعلمي أنّ الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ، خزائن الخير كلّها بيده لا ينقص شيء منها إن أتاك سؤلك .


وليتكِ أيّتها الحبيبة تُداومين على قيام اللّيل والدّعاء في الثّلث الأخير، فذلك دأب الصّالحين الذين لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ، وقد قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم (أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن ) صحّحه الألباني




ღღღ

الزّهرة الرّابعة : توكّلي على الله وأحسني الظنّ به

يقول الله تعالى (مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) 3الطّلاق

أي : كافيه الأمر الذي توكل عليه به ، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي العزيز الحكيم فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربّما أن الحكمة اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له فلهذا قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) أي لابد من نفوذ قضائه وقدره ولكنّه (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) أوي وقتاً ومقداراً ، لا يتعداه ولا يقصر عنه.


وقال الرّسول (لو أنّكم توكلون على الله تعالى حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطّير تغدو خماصاً وتروح بطاناً ) صححه الألباني



فلله الحمد على هذه البشائر !


يدك بيدي ياأخية ، هلّمي بنا نفوض أمرنا كلّه لله ثقة بحسن تدبيره ، وكم سيكون أدبك جليلاً إن أنتِ أتيتِ بالتوكل ومعه الكثير من حسن الظّن بالله ، ابتسمي إذا لاقتك الهموم وهاجمتك المصائب ، ابتسمي وقولي ” إليك عنّي فإنّي محسنة ظنّي بربّي” إذا أظلمت الدّنيا في وجهك وضاقت بكِ ابتسمي وردّدي ” إنّ معي ربّي سيهدين” واجعلي هذا الحديث القدسي الصّحيح نصب عينيك إنّ الله تعالى يقول ( أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير و إن شرا فشر ) صحّحه الألباني


واحذري أن تظنّي بالله ظنّ السوء طرفة عين ، وليكن حالك دوما كحال القائل :


وإنّي لأرجو الله حتّى كأنّني *** أرى بجميل الظّن ما الله صانع



ღღღ

الزّهرة الخامسة : برّي والديكِ

أختي الحبيبة ، في الحديث الصّحيح أنّه حين سئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن أفضل الأعمال قال ( الصّلاة في وقتها) ثمّ أي قال ( برّ الوالدين) وهو أعظم الحقوق بعد حقّ الله تعالى ، بل دعيني أبشّرك وأهمس لك همسة أمل في أن تنّعمي بالفرج بعد إتيانك بهذا العمل الجليل -إن شاء الله-

فأقول أنّ برّ الوالدين من أسباب تفريج الكرب ففي حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصّخرة أنّهم توسّلوا إلى الله بأعمال صالحة قاموا بها آنفا ، فقال أحدهم : (اللّهم كان لي أبوان شيخان كبيران و كنت لا أغبق قبلهما أهلا و لا مالا فنأى بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت و القدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ؟ فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج)صحّحه الألباني

فانظري كيف أجاب الله دعاء هذا البارّ بوالديه المتأدّب معهما، واقتدي به !

ومن المعلوم أنّ دعوة الوالد لولده مستجابة -بإذن الله- فأيّ الخير ستنالين إن خفضت جناح الذّل من الرّحمة لوالديك وجاهدت نفسك على الإحسان إليهما …

أختاه اهتفي بنفسك ” واهًا لريح الفرج إنّي لأجد ريح الفرج دون برّي والديّ ”






ღღღ

الزّهرة السّادسة : صلِي رحمكِ


قال الرّسول : (من أحبّ أن يبسط له في رزقه و أن ينسأ له في أثره فليصل رحمه ) صححه الألباني

وقال عليه الصّلاة والسّلام (الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله و من قطعني قطعه الله ) صحّحه الألباني

قال العلماء: وحقيقة الصّلة العطف والرّحمة ، فصلة الله سبحانه وتعالى عبارة عن لطفه بهم ، ورحمته إيّاهم ، وعطفه بإحسانه ونعمه .

فيا أيّتها المهمومة إلي تشتكين سوء الحال سارعي إلى صلة أقاربك ،واحتسبي الأجرعند الله ، واحذري أن يوسوس لك العدو المبين بأنّ في صلتك لهم -وقد قطعوك- مذلّة ،فإنّ العزة كلّها في السعي إلى مرضاة الله وابتغاء وجهه ، وما زاد الله عبداً بتواضع إلا رفعة في الدّنيا والآخرة .

أخيتى ، صِلي رحمكِ واحتسبي وانتظري بسط الرّزق موقنة أنّ الله هو الأكرم الذي ما تقرّب إليه عبد شبراً إلا وقد تقرّب منه ذراعاً وما تقرّب إليه عبد ذراعاً إلا تقرّب إليه باعاً وما أتاه عبد يمشي إلا أتاه الله هرولة ، فسارعي ، سارعي !




ღღღ 
الزّهرة السّابعة : كونِي في حاجَة المؤمنين


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة و من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا و الآخرة و من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا و الآخرة و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) صححه الألباني


أختي في الله ، هذه وصيّة من وصايا النّبي صلى الله عليه وسلّم لعلّ بين ثناياها الفرج الذي تتلهّف نفسك لرؤيته ، فأقبلي على مكروب وذكّريه برحمة الله وإن كان بإمكانك صرف الهمّ عنه بقضاء حاجة ما فسارعي مخلصة لله وحده


كم من أرملة ضاقت معيشتها وعظمت عفّتها ومنعها حياؤها من أن تمدّ يدها، كم من مريض لا يملك تكاليف العلاج ، كم من يتيمة لا تجد ما تُجهز بها نفسها للزواج، كم من فقير نحسبه غنيا من التعفف…


كوني من السبّاقين الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله ، ابحثي عن أمثال هؤلاء المحتاجين ، تصدّقي وأنفقي ممّا تحبّين عن طيب نفس بوجه بشوش وكفى بالابتسامة صدقة في كلّ حين (إنّ في الجنّة غرفا يرى ظاهرها من باطنها و باطنها من ظاهرها أعدّها الله تعالى لمن أطعم الطعام و ألان الكلام)حسّنه الألباني







الزّهرة الثّامنة :اجعلي الآخرة همّكِ


قال الرّسول صلى الله عليه وسلّم : (من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه و جمع له شمله و أتته الدنيا و هي راغمة و من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه و فرّق عليه شمله و لم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) صحّحه الألباني


جمع شمله : أموره المتفرّقة بأن يجعله مجموع الخاطر بتهيئة أسبابه من حيث لا يشعر..


أتته وهي راغمة : ذليلة حقيرة تابعة له لا يحتاج في طلبها إلى سعي كثير بل تأتيه هيّنة ليّنة على رغم أنفها .


قال ابن القيم في كتابه الفوائد : إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده ؛ تحمل الله سبـحانــه حوائجه كلها ، وحمل عنه كل ما أهمّه ، وفرغ قلـبه لمحبّته ولســـانــه لذكره وجوارحه لطاعته ، وإن أصبح وأمسى والدنيا همّه؛ حمله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكله إلى نفسه ، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ولســــانه عن ذكره بذكرهم ، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم و أشغالهم .


فالله أكبر من كلّ همّ يشغلك أختاه!


أقبلي بقلب خاشع على تدبّر آيات ربّك ، وأصغي قلبك إلى آيات النّعيم والجحيم ، وعيشي بفكرك في أحوال الآخرة ، حتّى إذا أصبحت وأمسيت وفؤادك مشغول أين سيكون مستقرّ السّرمدي ، صرتِ ترين كلّ هم مهما عظمهيّنا ، وتجمّلت نفسك بالصّبر ، لأنّك حينها فقط تدركين أنّما هذه الدّنيا كما قال الله تعالى : (لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)21 الحديد


ღღღ




أذكار و أدعية تقرّبي بها إلى اللّه كاشف الضّر :


قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم (دعوات المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين و أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ) حسّنه الألباني


كان النّبي صلّى الله عليه وسلّم : (كان إذا نزل به هم أو غم قال : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) حسّنه الألباني


كان الرّسول الله كان يقول عند الكرب : ” لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم ) صحّحه الألباني


قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم (ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحا قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات ؟ قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن ) صحّحه الألباني


قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم (دعوة ذي النون إذ دعا بها و هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له ) صحّحه الألباني


قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم (ألظوا بيا ذا الجلال و الإكرام) صحّحه الألباني


وعن أبي بن كعب قال : قلت : يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟ فقال : ” ما شئت ” قلت : الربع ؟ قال : ” ما شئت فإن زدت فهو خير لك ” . قلت : النصف ؟ قال : ” ما شئت فإن زدت فهو خير لك ” قلت : فالثلثين ؟ قال : ” ما شئت فإن زدت فهو خير لك ” قلت : أجعل لك صلاتي كلها ؟ قال : ” إذا يكفى همك ويكفر لك ذنبك “صححه الألباني







ღღღ


الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصّالحات ، الحمد لله الذي أعاننا على جمع هذه الزّهور التي نرجو أن تُكوّن باقة الفرج الذي يُدمع عيوننا انتظاره ، والله كريم بعبده ، أرحم به من نفسه ، ما عهدنا منه إلاّ إحساناً وإمداداً ، وهو الغفورالحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة، يختصّ برحمته من يشاء ، ويعفو عن كثير ، لا نحصي ثناءً عليه سبحانه هو كما أثنى على نفسه ، له الحمد حتّى يرضى وله الحمد إذا رضي وله الحمد بعد الرّضا .
أختي الحبيبة ، تدبرّ آيات الله سيجعلك –بإذن الله – راسخة في مقام الإيمان ، فأكثري أحسن الله إليهِ من تلاوة القرآن والإبحار في معانيه ، وعيشي مع أسماء الله الحسنى وصفاته العلى في جنّة السّعادة ،و قبل أن أودّعكِ على أمل أن يمنّ الله عليكِ بفتح من عنده أنقل لك هذا التّفسير البديع لاسم الله ” الفتّاح” (وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )
قال تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ﴾ [فاطر: 2] الآية.
من معاني ” الفتّاح” : فتحه لعباده جميع أبواب الخيرات ،يفتح لعباده منافع الدنيا والدّين، فيفتح لمن اختصهم بلطفه وعنايته أقفال القلوب، ويدُرّ عليها من المعارف الربّانية، والحقائق الإيمانية ما يصلح أحوالهم وتستقيم به على الصراط المستقيم، ويفتح لعباده أبواب الرزق وطرق الأسباب، ويهيئ للمتّقين من الأرزاق وأسبابها ما لا يحتسبون، ويعطي المتوكّلين فوق ما يطلبون ويؤمّلون، وييّسر لهم الأمور العسيرة، ويفتح لهم الأبواب المغلقة .
قال اللّه تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
وقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم : (النّصر مع الصّبر و الفرج مع الكرب : و إنّ مع العسر يسرا) صحّحه الألباني
أختاه ، ودّعي أحزانكِ ، واستبشري بالحياة الطّيبة التي وعد الله بها الذين آمنوا وعملوا الصّالحات ، ثمّ المسارعةالمسارعة أيّتها الغالية ، فلا تدرين أيّ الأعمال تكون سبباً في تبدّد سحائب الحزنْ…
سُبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أنّ لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك

صلّي اللهم وسلّم على محمّد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد

ذكرى : الدّال على الخير كفاعله ، فانشري جزاك الله خيرًا، لعلّ الله أن ينفع بهذه الرّسالة أحداً فيكون في ميزان حسناتك ، اصدقي الله في نيتّك وسترين منه فضلاً عظيماً إنّه هو الكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق