Translate

السبت، 24 نوفمبر 2012

إذا أردت أن يكفك الله سائر همومك عليك بــ


إذا أردت أن يكفك الله سائر همومك عليك بـ .....

قال - : ( مَن جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد كفاه الله سائر همومه ، ومَن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك ) رواه ابن ماجة وغيره بسند حسن .

وفي حديث الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - - :
( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) صححه الألباني .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
" إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله عنه سبحانه حوائجه كلها ، وحمَل عنه كلّ ما أهمّه ، وفرّغ قلبه لمحبته ، ولسانه لذكره ، وجوارحه لطاعته ، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمّله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكَلَه إلى نفسه ..... " .


إن الخير للعبد فيما اختار له ربه ، فإنه أعلم به وأرحم به من أمه التي ولدته ، فما للعبد إلا أن يرضى بحكم ربه ويفوض الأمر إليه ويكتفي بكفاية ربه وخالقه ومولاه


سبحان مَن تعطف بالعز وقال به ، سبحان مَن لبس المجد وتكرم به ، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له ، سبحان ذي الفضل والنعم ، سبحان ذي الفضل والكرم .


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - - قال :
( إن الله تعالى يقول : يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسدُّ فقرك ، وإلا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك ) . تخريج الحديث . رواه الترمذي و ابن ماجة والإمام أحمد في مسنده وغيرهم ، وقال الترمذي حسن غريب ، وصححه الألباني .

يقول صفي الدين الحِلي:

كن عن همومك معرضاً *** وكِلِ الأمور إلى القضا
وأنعم بطول سلامــــــة *** تُسليك عمّا قد مضـى

فلربما اتسع المضيــق *** وربما ضاق الفضــــا
ولَرُبَّ أمرٍ مسخــــــطٍ *** لك في عواقبه رضى

الله يفعل ما يشـــــــاءُ *** فلا تكن متعرضـــــــا
والحاصل...
لا تفرق همومك.. واجعل الهمين هماً واحداً.. ولا تحزن ولا تأس على ما فات.. ولا تحمل هماً لم ينزل بك.. ولا تلم الناس على ما فيك مثله.. ولا تتمنى مالا تملك.. ولا تمدح من لا يستاهل.. ولا تبني بخيالاتك قصوراً شامخة.. ولكن... وحد همك، وارض ربك، واحفظ لسانك، وأكرم ضيفك، وساعد المحتاج.. تجد تميزاً في حياتك فهل وعيت.. وهلاّ طالعت أسرار " فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ " [الشرح:8،7]..فاجعل الهمين هماً واحداً.
ثم ماذا عساه أن يكون سبب حزنك ؟

إن يكن سببه مرض فهو لك خير .. وعاقبته الشفاء

قال الله جل وعلا :
"وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ"( الشعراء : 80 )

وإن يكن سبب حزنك ذنب اقترفته أو خطيئة

فتأمل خطاب مولاك الذي هو أرحم بك من نفسك

"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا " (الزمر :53)
وإن يكن سبب حزنك ظلم حلّ بك من قريب أو بعيد

فقد وعدك الله بالنصر ووعد ظالمك بالخذلان والذل
قال تعالى في الحديث القدسي للمظلوم
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


وإن يكن سبب حزنك الفقر والحاجة فاصبر وأبشر

قال الله تعالى

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (البقرة:155)

وإن يكن سبب حزنك انعدام أو قلة الولد

فلست أول من يعدم الولد ، ولست مسئول عن خلقه
قال تعالى
"لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ"(الشورى 50:49)
فهل أنت من شاء العقم ؟
أم الله الذي جعلك بمشيئته كذلك ؟!
وهل لك أن تعترض على حكم الله ومشيئته ؟!
أم هل لاحد أن يلومك على ذلك؟!
إنه إن فعل كان معترضاً على الله
لا عليك ومغالباً لحكم الله ومعقّـباً عليه


فعلام الحزن إذن والأمر كله لله ؟!

لا تحزن مهما بلغ بك البلاء !

وتذكر أن ما يجري لك قضاء يسري ..
وأن الليل وإن طال فلا بد من الفجر !


وإليك كلمات نيرة تدفع بها الهموم ... وتكشف عنك بإذن الله الأحزان ..
أولا: كن ابن يومك
إنسى الماضي مهما كان أمره ، انساه بأحزانه وأتراحه ، فتذكره لا يفيد في علاج الأوجاع شيئاً وإنما ينكد عليك يومك ، ويزيدك هموماً على همومك .. فلا تحطم فؤادك بأحزان ولّت .. ولا تتشائم بأفكار ما وجدت! وعش حياتك لحظة بلحظة .. وساعة بساعة .. ويوماً بيوم !
تجاهل الماضي .. وارمِ ما وقع فيه في سراب النسيان .. وامسح من صفات ذكرياتك الهموم والأحزان .. ثم تجاهل ما يخبئه الغد .. وتفائل فيه بالأفراح .. ولا تعبر جسراً حتى تقف عليه .. فالماضي عدم .. والمستقبل غيب !


تأمل كيف استعاذ النبي من الهم والحزن إذ قال

اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والجبن والبخل ، وقهر الدين وغلبة الرجال
[ رواه البخاري ومسلم ]

في الصلاة .. في ذكر الله .. في قراءة القرآن .. في طلب العلم .. في التشاغل بالخير .. في معروف تجده يوم العرض على الله ..
يومك يومك تسعد .. أشغل فيه نفسك بالأعمال النافعة ..

واجتهد في لحظاته بالصلاح والإصلاح .. استثمر فيه لحظاتك
( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (30) سورة آل عمران

ثانياً : تعبد الله بالرضى
اجعل شعارك عند وقوع البلاء
(إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيراً منها)
اهتف بهذه الكلمات عند أول صدمة ..تنقلب في حقك البلية مزية .. والمحنة منحة .. والهلكة عطاء وبركة !

فقال من لا ينطق عن الهوى :
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له .
رواه مسلم .

ثم تأمل في أدب البلاء في هذه الآية

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة: 155/ 156 /157)

ثالثاُ : افقه سر البلاء

لا تحزن ..
فالبلاء جزء لا يتجزء من الحياة .. لا يخلو منه غني ولا فقير .. ولا ملك ولا مملوك .. ولا نبي مرسل .. ولا عظيم مبجل .. فالناس مشتركون في وقوعه .. ومختلفون في كيفياته ودرجاته ..
"لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ" (البلد:4)


لا تحزن ..
واستشعر في كل بلاء أنك رشحت لامتحان من الله !..
تثبت وتأمل وتمالك وهدي الأعصاب .. وكأن منادياً يقول لك في خفاء هامساً ومذكرا ً: أنت الآن في إمتحان جديد .. فاحذر الفشل ..
تأمل قوله : مَن يرد الله به خيراً يصب منه [ رواه البخاري ]

رابعاً : لا تقلق
فالمريض سيشفى .. والغائب سيعود .. والمحزون سيفرح .. والكرب سيرفع .. والضائقة ستزول .. وهذا وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ...
﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾
( سورة الشرح الآية: 5, 6 )
لا تحزن..

فإنما كرر الله اليُسْر في الآية .. ليطمئن قلبك .. وينشرح صدرك .. وقيل لن يغلب عُسر يُسرين


خامساً : اجعل همك في الله

.. إذا اشتدت عليك هموم الأرض .. فاجعل همك في السماء ..
لا تحزن ..

فرزقك مقسوم .. وقدرك محسوم .. وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم .. لأنها كلها إلى زوال .. وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور إذا آوى إليك الهم .. فأوي به إلى الله .. والهج بذكره
الله الله ربي لا أشرك به أحداً

يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث
رب إني مغلوب فانتصر

فكلها أوراد شرعية يُغفر بها الذنب ويَنفرج بها الكرب ..

اطلب السكينة في كثرة الإستغفار .. استغفر بصدق مرة ومرتين ومائة ومائتين وألف .. متلذذ بحلاوة الاستغفار .. ونشوة التوبة والإنابة ..
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة :222)
اطلب الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح ، والتهليل ، والصلاة على النبي الأمين وتلاوة القرآن

"أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"
(الرعد:28)
لا تحزن ..

وافزع إلى الله بالدعاء ..تضرع إلى الله في ظلم الليالي .. وأدبار الصلوات ..
اختل بنفسك في قعر بيتك شاكي إليه .. باكى لديه .. سائل فَرَجه ونَصره وفتحه .. وألحِّ عليه.. مرة واثنتين وعشراً ،، فهو يحب المُلحين في الدعاء ..
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (البقرة :186)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق